المرد:
طوبى للرحماء على المساكين،
فإن الرحمة تحل عليهم،
والمسيح يرحمهم في يوم الدين،
ويحل بروح قدسه فيهم.
1. الصوم الصوم يا شعب الرب،
صوموا صوماً طاهراً بالقلب،
حلوا العداوة وكل الغضب،
وتطهروا من درن الطغيان.
2. بادروا بالصوم النقي المبرور،
بصلاة حارة بغير فتور،
بفكر صاف من كل شرور،
وعقل مستنير بالإيمان.
3. تأهبوا في عالمكم،
بزاد صالح ينفع لمقدمكم،
توبوا واقعلوا عن آثامكم،
وارفضوا اللذات وفعل العصيان.
4. ثابروا على رحمة المحتاج،
فهي أشرف سبيل ومنهاج،
بها تحظوا بالإبتهاج،
والسرور والتهاني ورضا الرحمن.
5. جليل هو قدر الصيام،
إذا اقترن بصفا الأفهام،
وتزين برحمة الآنام،
والسعيْ في الخير والبنيان.
6. حقاً يكون صومنا طاهر،
إذا أصلحنا الضمائر،
وأزلنا الغش الحاضر،
وأحببنا بقلوبنا الأخوان.
7. خير جزيل يوافينا،
ونعم سماوية تأتينا،
إذا إبتعدنا وتنحينا،
عن إشراك العدو الشيطان.
8. دواء شافي يكون الصيام،
لننال الفضائل من رب الآنام،
من محبة وسلام وسمو المقام،
والإخلاص والرحمة لكل إنسان.
9. ذم الكتاب كل من صام،
وهو مملوء من الآثام،
وفي ظلام الضلال تاه وهام،
وصار في أحواله كالسكران.
10. رتب أفكارك وهذبها،
بمعاني الإنجيل واتل بها،
واعتنق بالتوبة وتممها،
واترك المخاصمة والعدوان.
11. زر أخوانك بوداد جلي،
وتصافح معهم بعقل نقي،
وأخز إبليس وكد الشقي،
واحتضن بالوداعة والاحسان.
12. سل عن ضيقة أخيك المحزون،
سله بلفظ الحب المصون،
ومتى امكنك فزر المسجون،
واضرع عن خلاصه للرحمان.
13. شمر عن ساعد الإجتهاد،
واقضي حاجة المسكين بوداد،
وإكنز لرحيلك أشرف زاد،
تجد رحمة عند الديان.
14. صف عقلك من الأكدار،
وإغسل ذاتك من الأوزار،
تجنب عادات الأشرار،
وتمثل بالإتقياء الشجعان.
15. ضياء عقلك كالصبح إذا لاح،
إذا إعترفت بالإفصاح،
وأجريت دموعاً ببكاء ونواح،
على ما افنيته من الأزمان.
16. طهر نفسك بالصلوات،
وامزجها بأذراف العبرات،
وابك على ذاتك بالحسرات،
تقبل توبتك فتحظى بالغفران.
17. ظاهر الجسد وباطن الروح،
إغسلهما بالأسف والنوح،
وللزائلات لا تكن في طموح،
وأرغب في الملكوت أيها الإنسان.
18. عود ذاتك مع الجميع،
على التواضع بخلق وديع،
ولكلمة الله كن أول مطيع،
وأخفض جناحك لصوت الإيمان.
19. غش الضمير أطرده عنك،
وبالتسابيح أملأ ذهنك،
وارج الخيرات لإخوانك،
كما تهوى لنفسك الرضوان.
20. فبهذه المزايا وباقي الصلاح،
يصير صومك كالنور الوضاح،
ويشرق برك كالمصباح،
ويسطع ضيائك باللمعان.
21. قوة الإيمان تغير الأفكار،
وكثرة الصلاة تفوق عطر الأزهار،
ليقبل الرب توبتك كالعشار،
ويرتعد منك الشيطان.
22. كرامة الرب تحل عليك،
ونعمة الغزيرة تأتي إليك،
وتصير بهذا عبادة فيك،
كأنها أزكي قربان.
23. لكن يا صاح إذا توانيت،
وعن التوبة الصادقة تراخيت،
وإذا ما صمت وصليت،
وأنت هكذا تعيش خسران.
24. ما دمت تبغض بني جنسك،
ولا ترحم فقير يلتمس منك،
ثم تشعر بمرض نفسك،
فكيف ينفعك جوع الأبدان.
25. نفي الجروحات بدواء التوبة،
فتصير عبادتكم محبوبة،
ومع الملائكة مصحوبة،
مقربة لعرش الديان.
26. هذا هو الصوم الروحاني،
هذا هو الفعل الطوباني،
هذا هو السبيل الحقاني،
أعمال الصلاح برجاً وإذعان.
27. وحينئذ صم يا إنسان،
بالقناعة والتعفف عن الألوان،
ولا تمتلئ فتصير سكران،
ولكن أشرك معك الجوعان.
28. لأنه يقبل جميع عملك،
ويغفر لك القدوس كل زللك،
وتفرح الملائكة لأجلك،
ويحيطون بك في كل أوان.
29. يرفع صومنا أمام الحبيب،
بهذا العمل الزكي الخصيب،
ويتقدم كبخور وطيب،
فيمهد لنا سبل الغفران.
30. يا أيها الشعب المحروس،
إرفعوا قلوبكم إلى القدوس،
واهتفوا بدعاء لمحيي النفوس،
كي يوهبنا رحمة مع غفران.
31. يا مَنْ بمجيئه إنقذنا،
وبحكمة قد صام عنا،
إحفظ بالنعمة مجمعنا،
وثبتنا على أسس الإيمان.